الثلاثاء، 29 مايو 2018

رحلتي إلى بلاد الراين 5 (شباير) (Speyer)


من المدن التاريخية الجميلة التي زرناها مدينة (Speyer) (شباير) وهي مدينة قديمة؛  تأسست من قبل الرومان، وهي واحدة من أقدم المدن في ألمانيا تقع بجانب نهر الراين ضمن مقاطعة (Rhineland-Palatinate) وتبعد 25 كيلو متر عن مدينة (Ludwigshafen) ومدينة (Mannheim) وتعتبر من المدن المقدسة عند الألمان.

كان في استقبالنا المرشد السياحي؛ رجل كبير في السن جاوز الستين ومع ذلك عنده قدرة على الكلام والحديث عن المدينة دون توقف، أخبرنا انه يعمل معلما في إحدى الكليات ومرشدا سياحيا في أوقات الفراغ.
اتجهنا بادي ذي بدء إلى الكاتدرائية الشهيرة وهي قديمة جدا تعرف باسم (كاتدرائية شباير) لا تزال تستقطب المصلين والزوار، وتحيط بها ساحة واسعة وعلى حسب كلام المرشد ان الساحة كانت مليئة في السابق بالبيوت و الدكاكين إلا أن دمرت أيام الحرب العالمية الأولى وكذلك الحرب العالمية الثانية، كما أن الكنيسة نفسها احترق جزء كبير منها، وبالفعل يتضح ان المبنى الحالي قد أعيد بناءه، بجانب الكنيسة مجسم لعدة تماثيل ترمز للسيدة مريم العذراء وابنها المسيح عيسى عليه السلام، وتماثيل أخرى.

في الخارج وباتجاه مدخل الكنسية هناك بناء حجري على شكل وعاء كبير عليه كتابات باللغة الرومانية، وقصته والعهدة هنا على المرشد السياحي؛ انه كان يحتفل بحصاد كروم العنب بملء الوعاء الحجري بالنبيذ ثم يقوم الكاهن الأكبر في المدينة بالشرب منه أولا وبعده اعيان المدينة ثم تتقاسمه أفواه عامة القوم.

كما يوجد بها كنيس يهودي من العصور الوسطى لم يبقى منه الا أطلاله وبجانبه مثل ما يشبه البئر تنزل إليها بواسطة درج متعدد الطبقات؛ الطبقة الأولى ذات درج مستقيم تستقبلك شرفة تطل على الماء، ثم يأخذك درج آخر ملتوي إلى الأسفل حيث يوجد حوض ماء كان يستخدم سابقا للاستحمام والنظافة قبل الدخول الى الكنيس للصلاة، أما الان فهو مهمل إلا من النقود المعدنية التي رمى بها السائحون لتستقر في قاع الحوض لاعتقادهم بأن ذلك يحقق أمنياتهم المتأخرة. ومع ان المدينة صغيرة إلا أن اكتسبت شهرة دينية ففيها آثار يهودية ومسيحية، ومن ضمن الكنائس الكنيسة القديمة التي أشرنا اليها والتي تتبع الكاثوليك ولها اسم ألماني صعب النطق (Gedächtniskirche) ويقال انها تحوي تحت المذبح العالي، مقابر ثمانية أباطرة رومان وملوك ألمان.

تمشي 200 متر تقريبا بجانب السوق هناك كنيسة أخرى تتبع البروتستانت، كما ان للمدينة عدة بوابات أثرية وتعرف القديمة منها بـ (Altpörtel).

بعد الكنسية البروتستانتية بحوالي 50 مترا وفي زقاق صغير يجري من تحته مجرى مائي يصب في نهر الراين يقال والعهدة على الراوي (المرشد السياحي) أن مدينة شباير القديمة كانت على مستوى النهر وكانت تشتهر أيضا بصناعة الجعة وفيها عدة مصانع على ضفتي النهر إلا أنه مع مرور الأيام والحروب والدمار الذي لحق بالمدينة وتهدم مبانيها قامت على أطلالها المدينة الحالية والتي ارتفعت عن مستوى النهر لذلك المجاري المائية تجري تحت شوارعها وازقتها وبالفعل تسمع خرير الماء اذا مشيت بمحاذاة فتحات التهوية المعدة لهذا الغرض.

دقت أجراس الكنائس معلنة الساعة الثانية بعد الظهر، معها دقت ساعة البطون أن الغداء قد حان، في مطعم ذو بناء قديم جدا وكانه "دهريز" من الحجر الأبيض المائل الى الصفرة، مقوس السقف وكانك في العصور الوسطى على مائدة من الخشب القديم وضعت الصحون والكؤوس وتناولنا غداءا بحريا نهريا من اسماك السلمون وغيره.

في طريقنا الى الخان (المطعم) مررنا بحفل زفاف لعروسين من الجنس ذاته؛ امرأتين قد تزوجتا من بعض!! بمعية الاهل والأصدقاء والورود المنثورة عليهما، بالنسبة إلينا كان الامر غريبا! وعجيبا!.