مومباي
الهند جمهورية تقع في جنوب آسيا تعدّ سابع أكبر بلد
من حيث المساحة الجغرافية، والثانية من حيث عدد السكان،
وهي الأكثر
ازدحاماً بالسكان في العالم. يحدها المحيط الهندي من
الجنوب، وبحر العرب من
الغرب، وخليج البنغال من
الشرق، وللهند خط ساحلي يصل طوله إلى 7,517 كيلومتر. تحدها باكستان من
الغرب وجمهورية الصين الشعبية، نيبال، وبوتان من
الشمال، بنغلاديش وميانمار من
الشرق.
مومباي وكان اسمها
السابق بومباي حتى عام 1995، عاصمة ولاية ماهاراشترا في الهند، ومومباي
واحدة من أكبر المدن في العالم بمساحة 344 كم² وعدد سكان يتجاوز الـ 12,100,000
نسمة. وهي المدينة الأولى في الهند والمركز الاقتصادي والثقافي والتجاري للهند
ومومباي تقع على الساحل الغربي للهند وفيها ميناء.
كانت زيارتي لمدينة مومباي زيارة
عمل برفقة مجموعة من الزملاء، قضينا فيها خمسة أيام بلياليها، وكانت أول زيارة لي
للهند، وصلنا المدينة صباحا وكان الجو صحوا والشمس نشرت مظلتها على رؤوس الهنود
الذين انتشروا في الأرض بحثا عن قوت يومهم، اخذتنا المركبة الى منطقة
"كولابا" التاريخية والتي تعتبر نواة مدينة مومباي، و بوابتها التي بنيت
للملك "جورج الخامس" وزوجته
الملكة "ماري" عند زيارتهما للهند سنة 1911م ، انخنا رحالنا في فندق
قريب من فندق "تاج محل" الشهير الذي بني عام "1903" على يد
أحد رجال الأعمال الهنود.
وقد نشأت على الأراضي الهندية أربعة أديان رئيسية هي الهندوسية والبوذية والجاينية والسيخية،
في حين أن الزرادشتية، اليهودية، المسيحية والإسلام وصلت
إليها في الألفية الأولى الميلادية، وشكلت هذه الديانات والثقافات التنوع الثقافي
للمدينة التي تتكون من
سبع جزر كانت مكان لتجمعات الصيادين وكانت
هذه الجزر تحت سيطرة الإمبراطوريات والممالك المتعاقبة وفي منتصف القرن الثامن عشر
ظهرت مومباي كمدينة تجارية هامة وخلال القرن التاسع عشر تميزت المدينة بالتنمية
الاقتصادية والتعليمية وأصبحت قاعدة قوية لحركة استقلال الهند في أوائل القرن
العشرين حتى نالت استقلالها في عام 1947.
الهنود بصفة عامة يحبون العمل لذلك يؤوون إلى الفراش في
وقت مبكر حيث تنام المدينة بمن فيها حوالي الساعة الثامنة مساءا وتخلو الشوارع إلا
من سائقي سيارات الأجرة التي تعمل بالغاز وعند بزوغ الخيط الأبيض من الفجر ترا
القوم قد انتشروا فرادى وجماعات إلى أعمالهم، و تسمع ضجيج مركبات
"الركشة" وهي عربات تعمل بالوقود السائل ذات ثلاث عجلات جعل المقعد
الخلفي للزبائن وعادة ما تحمل شخص أو شخصين ولكن بسبب ازدحام السكان فأنها تحمل
حتى خمسة أشخاص مختلطين الاجسام.
مومباي موطن لمؤسسات مالية هامة مثل البنك الاحتياطي،
بورصة مومباي، واللجنة الوطنية للأوراق المالية والعديد من الشركات المتعددة
الجنسيات، والمدينة تشتهر بصناعة السينما والتلفزيون، والمعروفة باسم "بوليوود" وهي بذلك مصدر جذب للهنود من كل أنحاء الهند حيث
توفر مستوى دخل ومعيشة أعلى لذلك
تعتبر المدينة من أكثر المدن الهندية كثافة في السكان، منهم من استطاع تأمين مأوى
له ومنهم من اتخذ الشوارع الداخلية ملجأ والأزقة بيت خلا، فلا تستغرب رؤية عائلة مكونة
من أب وأم وأولادهما ينامون فوق ألواح الكرتون على الأرصفة فاذا هاجمهم الريح
والمطر تدثروا بتلك الألواح، لكن الغريب أنهم يتناسلون بانتظام لا تباعد ولا تنظيم
نسل خالقين أزمة سكان.
بما أنك في الهند فلا تسأل عن
النظافة حيث أنها عملة نادرة، وهي معادلة لا تقبل القسمة على اثنين فكلما زاد عدد
السكان قلت النظافة، اذكر اننا اشترينا درزن من فاكهة المانجو "ألفونسو"
وذهبنا به الى مطعم الفندق طلبنا منه أن يقطعه لنا، فاذا بالقطع مثلمة باللون
الأسود وبالسؤال والاستفسار اتضح ان السكاكين المستخدمة في المطبخ صدئة!
المطاعم التي تقدم الحلال ليست
كثيرة وخصوصا المطاعم التي تستخدم الأرز البسمتي الذي تعودنا عليه في الخليج
العربي، فكنا نقصد مطعم "دلهي دلبار" لتناول الغداء والعشاء ومع رحابة
المطعم إلا أن النظافة ليست بحجم المكان.
ليل مومباي استوائي غير مبهج،
فكنا نخرج ليلا للتجوال على كرنيش البحر المزدحم مرورا ببوابة الهند العتيقة، التي
من خلالها ترى السفن تمخر عباب المحيط والأمواج قد اختلط زبدها بالزيت، فتثور
فتلقي العلب المعدنية على الحاجز غضبا، يصفق لها الهنود فينثرون عليها قشور حب
"دوار الشمس" و بقايا التبغ الممضوغ وأعقاب السجائر!.
من شوارع البهجة في مومباي
"شارع فارس" أو "فارس روود" والذي يبتهج ليلا بأنوار فوانيس
المواخير المحمية أبوابها بشراشف مزركشة أو شراشف نوم للتي قربت نهاية صلاحيتها، يبقى هذا
الشارع نابضا بحياة اللهو في حين تدخل المدينة في سبات.
في إحدى الصباحات كان للحياة
البرية متنفس لنا زرنا بما تسمى حديقة الحيوان وهي قريبة من كولابا، فكان استقبال
فاتر من قبل ملك الغابة الذي لم يعيرنا أي انتباه، حتى الفيل حشر خرطومه في بركة
الماء الموحلة، وجوه عليها كآبة وأصوات خنقتها العبرة والاجسام نحيلة تنظر إليك
بتوسل.
مع اقتراب موعد عودتنا إلى أرض
الوطن اقترح علينا أحد الزملاء بزيارة شارع "محمد علي" إن كنا نود إهداء
الحلويات الهندية لمن نحب، فكان ذلك المشوار إلى الشارع الشهير بكثرة محلات صناعة
الحلويات الهندية بشتى أنواعها وتعدد مذاقاتها، حيث يدخل الحليب كعنصر أساسي في الحلويات
الهندية، والمشهورة منها مثل "جولاب جامون" و "لادو" "و
"الزلابية" وغيرها، وقد شاركنا مخلوق صغير في الشراء فظل يحوم حول الحلو ويحشر أنفه كلما فتح عامل الحلوى
صندوقه، ومع ما يثيره هذا المخلوق من إشمئزاز
إلا أن الشعب الهندي قد تعود عليه وكونه صحبة معه.
ترتبط مومباي بباقي المدن الهندية
بشبكة قطارات ضخمة و هي إحدى الهدايا التي قدمها الأنجليز أثناء إحتلالهم للهند،
وتعتبر القطارات وسيلة مرغوبة جدا للهنود من حيث أنها رخيصة الثمن و سريعة وتمخر
عباب الغابات والقرى الهندية، فلا تستغرب الازدحام الشديد على مقاعدها التي تفيض
حتى تصل إلى النوافذ والأبواب وفي بعض المناسبات تصل إلى سطح القطار.
مرت الأيام الخمس سريعة وها نحن
في المطار ننتظر الناقل الوطني ليحملنا بين جناحيه إلى أرض الوطن الحبيب ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق