الأربعاء، 26 سبتمبر 2018

رحلتي إلى تايلاند : شيانغ ماي


شيانغ ماي

عاصمة الشمال، ولوحة من الجمال، سافرت إليها عبر الطيران الذي حلق بنا على ارتفاع ثلاثين ألف قدم مستغرقا ساعة وعشرون دقيقة من مطار بانكوك للطيران الداخلي (دون موينغ)، مطارها بسيط مثل بساطة شعبها، بعد الراحة في الفندق والذي صادف انعقاد مؤتمر للتمريض فيه وسلطنة عمان مشاركة بوفد من الممرضين العمانيين.

تعرف المدينة باسم وردة الشمال  وهي ثاني أكبر محافظة في تايلاند جالسة على ضفاف نهر بينج محاطة بتلال خضراء وغابات غنَاء تتمتع بهدوء ومناخ جاف لطيف وثقافات متنوعة تجذب السائحين من كافة أنحاء العالم، تحدها محافظات "تشيانغ ري"، "لامبانغ"، "لامفون"، و "ماي هونغ سون" ويحدها من الشمال مقاطعة "شان"  في دولة ميانمار.

اخذت عربة "التك تك" لرؤية معالم المدينة القديمة والأسواق الشعبية، وصادق أيضا في ذلك اليوم احتفال الورود حيث زينت عربات سيارة بمختلف أنواع الورود فاذا هي لوحة ملونة بألوان الطيف ومعطرة بعبق الجوري والاقحوان والبنفسج واللوتس وباقات من الأزهار.

في المدينة سوق كبير يسمى "السوق الليلي" عادة يفتح ابوابه وقت العصر حتى الساعة العاشرة ليلا، يباع فيه الملابس الجاهزة والاحذية وغيرها من المنتجات التايلاندية كالتذكارات.

في اليوم التالي اخذنا جولة سياحية الى جبال شاينغ ماي والشلالات المائية حيث تنخفض درجة الحرارة في المرتفعات الجبلية لتصل الى 15 درجة مئوية، وتتميز الشلالات بقوة دفع الماء القادم من أعالي الجبال وقد خصصت أماكن لالتقاط الصور و التمتع بجمال المناظر، مثل هذه الجولات تستمر حتى العصر مع تناول وجبة الغداء والتي عادة ما تكون وجبات تايلاندية.

تغطي الجبال معظم أنحاء المحافظة، التي يخترقها نهر "بينج" وهو واحد من أهم الأنهار المتفرعة من نهر "تشاو فرايا"، والذي ينبع من جبال "شيانج داو"، هذا بالإضافة إلى العديد من الحدائق الوطنية مثل: دوي إنثانون، دوي سويثب-بوي، ماي بنج، سري لانا، ماي فانج وشيانج داو.

قبل ان تسدل ستارة الليل على مسرح المدينة تحركت لزيارة حديقة الحيوانات الليلية والمسماة "night safari" هذه المرة اخذت تاكسي من نوع "بيك أب" التجوال في الحديقة وحيواناتها عن طريق قطار صغير بصحبة دليل آلي يتكلم اللغة التايلاندية و الإنجليزية. رؤية الحيوانات صعبة نوعا ما بسبب حلول الظلام، وما أن تنتهي جولة القطار تستقبلك أشعة الليزر مشكلة صور مختلفة فوق سطح ماء البحيرة التي تتوسط الحديقة وتتراقص اشعة الليزر بصحبة المقطوعات الموسيقية، ونصيحة لمن يأتي الى هذه الحديقة لابد أن يؤمن طريق الرجعة الى الفندق لأنه بعد المساء لن تجد سيارات أجرة!

انتهت رحلتي الى وردة الشمال ذات المناخ المعتدل المصحوب بالنسائم الباردة  المعطرة برحيق الازهار، وأصبحت في مطارها ملوح لها والعين في شوق لزيارتها مرة أخرى.

السبت، 22 سبتمبر 2018

رحلتي إلى أرض "الاحرار" تاي لاند : بانكوك


تايلاند

بانكوك

زرتها في سنة 2007، يغمرها الماء المنسل بقوة الجاذبية من السحب الكثيفة، استقبلتني بتنينها الذهبي وسط مطارها الكبير (سوفارنابومي)، مملكة تايلند  المعروفة سابقا باسم سيام هي دولة تقع في جنوب شرق آسيا في شبه الجزيرة الهندية الصينية تحدها كل من لاوس وكمبوديا من الشرق، وخليج تايلاند وماليزيا من الجنوب، وبحر أندامان وميانمار من الغرب.

اسم تايلاند مركب من كلمتين، وهو يَعني "أرض الأحرار"، وهو اسم للتعبير عن الفخر بأن تايلاند هيَ الدولة الوحيدة التي لم تتعرض للاستعمار في منطقة جنوب آسيا وقد قامَ البعض بالإشارة إلى تايلاند على أنها إحدى المستعمرات البريطانية، على الرغم من أن سيطرة الإمبراطورية البريطانية على البلاد كانت ضعيفة.

كانت الطائرة ملأ بالعمانيين المكتسين بالثوب العماني (الدشداشة) والعمامة (المصر) أو (الكمة) حتى أني اعتقدت انني مسافر الى محافظة عمانية، تجاوزنا مراقبة الجوازات مع زحمة دائرية الشكل، ووجوه من كل أصقاع الأرض، إلى محطة سيارات الأجرة؛ ولأنها أول مرة لي فقد صادفت سيدة تايلندية تعمل في احدى مكاتب السفريات واقنعتني بأخذ سيارة من مكتبها وبعد المساومة في الأسعار  قبلت ب (500) بات؛ في تايلند واغلب الدول الآسيوية المساومة في الأسعار لابد منها، اخبرني صديق بأن اسكن في فندق (جريس) وبالفعل وصلت الى الفندق واخذت غرفة فيه ليوم واحد، في اليوم الثاني أصبحت مستكشفا للمكان والذي يسمى شارع محطة "نانا" أو شارع "العرب" وسمي شارع العرب لتمركز العرب القادمين من الشرق الأوسط والخليج العربي فيه وذلك لوجود مستشفى "بمرنجراد" هناك، لذا تكثر المطاعم والمقاهي التي تقدم المأكولات العربية والخليجية وتكثر فيه محلات السفر والسياحة التي تتحدث العربية وغيرها من المحلات الأخرى.

بانكوك، تعد المركز السياسي والتجاري والصناعي و الثقافي في تايلاند، وتقع المدينة في الجنوب الغربي من مملكة تايلاند على الضفة الشرقية من نهر تشاو فرايا الذي يصب في خليج تايلاند القريب من المدينة؛ لذلك تعتبر بانكوك الميناء الرئيسي بالإضافة إلى كونها أيضا مركزا صناعيا هاما واعتبارها السوق الرئيسي للمجوهرات والحلي في هذا البلد.

قامت بانكوك على دلتا النهر بعيدة عن البحر نحو 40كم في سهل منبسط واطئ، تربته خصبة ومياهه غزيرة، ويتلقى أمطاراً سنوية متوسطها أعلى من 1500مم في مناخ حار رطب استوائي تهطل أمطاره أغلب الأيام إلا الفصل الجاف بين كانون الأول حتى شباط، وتراوح درجة الحرارة السنوية فيه بين 25-30 درجة مئوية.

الزائر لهذه المدينة إما مريضا جاء للإستشفاء أو سائحا مكتشفا لجمال المدينة وما فيها من حدائق ذات بهجة و مزارع للحيوانات أو تاجرا للبيع والشراء من مصانعها الغنية بصنع الملبوسات والاحذية وغيرها أو طالبا للراحة والاستجمام في منتجعاتها الصحية ومحلات المساج المنتشرة في كل زاوية.

بفضل المطاعم الخليجية والعربية فقد كان السكن دائما قريبا من شارع العرب، فهذه المطاعم تقدم مختلف الموائد؛ يمنية، عمانية، خليجية، عربية وكذلك المأكولات التايلندية.

تشتهر بانكوك كذلك بحياة الليل المليئة بالصخب واللهو وتستمر هذه الحياة بروتينها الليلي مصحوبة بقرع الطبول وعزف المعازف وتمايل الراقصات حتى بزوع فجر اليوم التالي، ثم تبدأ حياة أخرى؛ حياة تضيئها خيوط الشمس الدافئة المخترقة للسحب حتى إذا ما استوت في كبد السماء زادت من ضيائها ليعرق جبين العامل وتعمل أجهزة التكييف في الشقق والمحلات والسيارات.

نظرا لكثرة زوار المدينة سواء من داخل تايلاند أو خارجها فأن هذه الاعداد المتلاطمة من البشر جعلت شوارع بانكوك مزدحمة كثيرا وخصوصا في فصل الصيف، الأمر الذي لا يشجع على التجوال في السيارات ويكون الخيار المناسب المشي بين شوارعها الضيقة، وأسواقها  الكثيرة المتنوعة.

أشارت علي "فاطمة" التي تتقن اللغة العربية وتعمل في إحدى محلات السفر والسياحة بأن أزور حديقة الحيوانات المسماة "سفاري وارد" وكذلك جولة نهرية مسائية مع تناول الوجبات، الحديقة مليئة بالسباع كالأسود والنمور والدببة، والغزلان تلعب مع الوعل والضأن، وللطيور بأنواعها نصيب كبير من الحديقة التي تتجول فيها بالسيارة، أم الجزء الاخر عبارة عن متنزه كبير وهو مزيج من المناظر الخضراء و الحيوانات المختلفة والطيور النادرة، كما تقام عروض مائية للدلافين واسود البحر وأخرى.
أما ليلا فأن نهر بانكوك الشهير يطوف بك من خلال المراكب السياحية عبر غابات مطرية مرورا بالقصر الذهبي والمعابد البوذية، وانت تتناول وجبة عشاء بنكهة تايلاندية.
في صباح اليوم التالي كان لابد من زيارة "السوق العائم" في هذا السوق يتم عقد الصفقات التجارية والبيع والشراء فوق القوارب الصغيرة القادمة من القرى الساكنة على ضفتي النهر، فهناك تباع الفواكة والخضروات و المشغولات اليدوية، احدى السائحات الراكبة معنا في القارب اشترت قبعة نسائية مصنوعة من اوراق اشجار البامبو وطبعا لا مناص من الدخول في المساومة، وبعض القوارب تبيع الماكولات التايلاندية والمشروبات الباردة.
 وبعد البيع والشراء اتجهنا الى حديقة الفيلة وفيها عروض الفيلة المتنوعة والاستمتاع بركوب الفيل العظيم والتجوال على ظهره بين أرجاء الحديقة الواسعة.

رجعت الى الفندق لقضاء باقي الليلة الدافئة، على أمل السفر إلى مدينة "شيانغ ماي" والتي تم التخطيط والتنسيق لها عن طريق مكتب فاطمة.

الأحد، 2 سبتمبر 2018

صور لمدينة إشبيلية

كاتدرائية إشبيلية المقامة على موقع الجامع 

منارة الجامع والتي تحولت الى برد لجرس الكنيسة

احد مداخل الجامع الكنيسة حاليا

القصر او الكازار

الجسر الروماني وقد اعيد ترميمه

نهر الوادي الكبير

احد القصور القديمة والذي تحول الى متحف

سكة

بائع الكتب

تذكارات اشبيلية

بيوت اشبيلية والتي تجمع بين الاصالة والمعاصرة

فنانة تحاكي الجمال على لوحاتها

فندق بني على طراز العمارة الاندلسية

احد البرجين على ضفة النهر والذي كان يستخدم للمراقبة ومد السلسلة الحديدة لمنع التسلل للمدينة

السبت، 1 سبتمبر 2018

رحلتي الى اسبانيا: اشبيلية

إشبيلية

مع تقدم الزمان ونمو السكان كثر البنيان وازدهر العمران، حتى أصبحت اشبيلية رابع أكبر مدينة اسبانية، سكانها خليط من الاندلسيين والاسبان والعرب الذين هاجروا حديثا، مع وجود أقليات من الهنود والصينين والأفارقة تراهم يعملون في المطاعم والمحلات التجارية.

تعتبر اشبيلية أو Sevilla عاصمة منطقة أندلوسيا ومقاطعة إشبيلية في جنوب إسبانيا، وتقع على ضفاف نهر الوادي الكبير، واشتهرت المدينة بشكل كبير إبان حكم المسلمين لإسبانيا في العصور الوسطى وكان يطلق عليها أيضاً اسم (حمص) نسبة لنزول جند الشام فيها أول مرة، وفي أواسط القرن التاسع الميلادي أمر عبد الرحمن الثاني ببناء أسطول بحري ودار لصناعة الأسلحة فيها، وكان من أشهر حكامها المعتمد بن عباد، ومن أهم معالمها منارة "خيرالدا " التي بنيت بأمر من السلطان أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي، ومن أبرز سكانها حينذاك إبراهيم بن سهل المشهور بديوانه.

كان وصولنا إلى المدينة حوالي الساعة الثالثة بعد الظهر، والمسافة من محطة القطار إلى الفندق حوالي خمسة عشر دقيقة مشيا على الاقدام، الفندق يقع في المدينة الجديدة في شارع هادئ، موظفة الاستقبال تتحدث الاسبانية بطلاقة والانجليزية بشيء يسير ما يساعدها على استقبال الزوار  ولكن صورتها وتقاسيم وجهها يمثلان صورة عربية فخاطبتها بالعربية فردت بلهجة شامية ومنها انطلقت اسئلتنا عن المدينة وعن المطاعم الحلال وغيرها من التساؤلات. المرأة الخمسينية هاجرت مع زوجها من سوريا الى اسبانيا منذ خمسة وعشرون سنة واستقرت في اشبيلية بسبب جمال المدينة وود أهلها وقد افادتنا ان الأماكن الاثرية تغلق الساعة الخامسة مساء فما كان لنا إلا استراحة قصيرة جدا للصلاة وتجديد النشاط ونزلنا هرولة الى المدينة القديمة التي ليست ببعيدة قطعناها مشيا مرورا بالحديقة الكبيرة والبيوتات المتراصة كأنها لوحة "بيكاسوية" وصلنا الجامع والقصر الملاصق به ولكن لا وجود لكشك التذاكر، سألنا أين و أين فكان الجواب التذاكر عن طريق الموقع الالكتروني.

بالرغم من الأسف على عدم مشاهدة عجائب ما بناه المسلمون من معالم إلا اننا قمنا بالتجوال بين القصر والجامع الذي تحول الى كنيسة كبيرها سميت بــ "كاتدرائية إشبيلية " فقد هدم أجزاء من المسجد وبنيت الكنسية في نفس الموقع في عام 1401 وكاتدرائية إشبيلية من بين أكبر جميع كاتدرائيات القرون الوسطى الجرمانية، سواء من حيث المجال والحجم في إسبانيا، حيث زينت بشكل مسرف، مع كمية كبيرة من الذهب. أعادت الكاتدرائية استخدام بعض الأعمدة وعناصر المسجد، ومن ضمنها المئذنة جيرالدا، التي تحولت إلى برج الجرس. ترتفع "الجيرالدا" شامخة فوق أسطح منازل إشبيلية، وتعتبر أهم معالم المدينة، وقد بنيت سنة 1184 م كمئذنة لمسجد إشبيلية الكبير. يبلغ ارتفاع الجيرالدا 97,5 متراً، وقد تم بناء القمة المتحركة حسب اتجاه الرياح في القرن السادس عشر، ومنذ ذلك الحين أصبحت الجيرالدا تعرف بهذا الاسم نسبة إلى التمثال في أعلاها .

يواجه كاتدرائية إشبيلية "الكازار " وهو قصر المدينة القديمة ولدخوله يلزمك التذاكر التي تباع عن طريق الانترنت أيضا، وليس بعيد عنه دار البلدية، التي بنيت في القرن السادس عشر. وقد شيدت الساحة الجديدة (بلازا نويفا) في القرن التاسع عشر بأسلوب تقليدي حديث.

يلاحظ ان "المرابطون" الذين حكموا المدينة ابدعوا  نظاماً جديداً في تخطيط الأسوار، إذ عمدوا إلى الإكثار من الزوايا الداخلية والخارجية بالسور، بحيث يتخذ شكل خطوط متعرجة متكسرة، وميزة هذا النظام أن يترك الجند أعداءهم يتقدمون داخل إحدى الزوايا، ثم يندفعون عليهم من أعلى الأسوار على الدروب فيفتكون بهم فتكاً ذريعاً، ويشبه هذا النظام "الزمبرك" إذا ضغط عليه ثم ترك اندفع بقوة فيصيب ما يقابله، وما زال قطاع من هذه الأسوار بإشبيلية قائماً، ويعرف باسم سور مقارنة، ويمتد من باب مقارنة حتى باب قرطبة، وتتناثر بعض بقاياه بعد ذلك في حديقة معهد الوادي.

من معالم إشبيلية الباقية السور الأمامي الذي بناه وشيده الحاكم" أبو العلا إدريس" عـام 1223م. وحفر حوله خندقا، ومد منه سور قليل الارتفاع إلى نهر الوادي الكبير ببرج ضخـم كبير الأضلاع هو برج الذهب القائم حتى اليوم، وفي مقابل هذا البرج برج ممـاثل لـه عـلى الشاطئ القريب من المدينة يربط بينهما سلسلة حديدية ضخمة تمنع السفن من المرور ليلا في نهر الوادي الكبير حماية للمدينة من التسلل إليها عبر النهر.

نهر اشبيلية نهر نشط الحركة شيدت على ضفتيه المقاهي والمطاعم التي تقدم المأكولات المختلفة وخصوصا الاندلسية منها، ويربط بين الضفتين عدة جسور أهمها الجسر الروماني القديم كما يمكن للمرء النزول الى النهر بواسطة سلالم حجرية.

خلال عودتنا الى الفندق مررنا بكثير من البيوت التي تحولت الى محلات تعرض التذكارات واللوحات التي رسمت عليها المزارات السياحية في اشبيلية، ثم تناولنا وجبة العشاء في مطعم يعمل فيه طاه من الجالية الباكستانية، ليل اشبيلية هادئ جدا تتراقص الازهار في شوارعها على موسيقى النسائم المحملة بعبق الماضي الجميل، قضينا ليلتنا تلك مستاذكرين غدوات و رواح المسلمين الاوائل.