السبت، 3 نوفمبر 2018

رحلتي إلى جمهورية سنغافورة


سنغافورة

سنغافورة، جمهورية تقع على جزيرة في جنوب شرقي آسيا، ويفصلها عن ماليزيا مضيق جو هور وعن جزر رياو الاندونيسة مضيق سنغافورة. وتعتبر سنغافورة رابع أهم مركز مالي في العالم ومدينة عالمية تلعب دورا مهما في الاقتصاد العالمي، ويعد مرفأ سنغافورة خامس مرفأ في العالم من ناحية النشاط.

دعاني أحد الأصدقاء إلى زيارته، الرحلة من "بوكيت" بتايلند إلى سنغافورة ليست بالطويلة تقريبا ساعة ونصف، استقبلني الصديق بالمطار ومنه عن طريق التاكسي توجهنا الى الفندق الواقع في منطقة  "كامبونج جلام" وهي من أكثر المناطق المحببة لدى السائح العربي على وجه الخصوص، حيث تبدو البصمات والآثار العربية واضحة في هذا الحي الذي تقطنه غالبية مسلمة، يجمعهم الجامع الشهير "مسجد السلطان " الذي يعود بناؤه إلى القرن التاسع عشر، ويمكن رؤيته عن بُعد مكللا بالقباب والمآذن الذهبية اللامعة التي تلفت الأنظار بجمالها، ويحيط بالمسجد الكثير من شوارع التسوق والمطاعم ذات الطابع العربي الشرقي .

بعد استراحة قصيرة تجولنا في المنطقة المحيطة وشربنا الشاي المشهور لديهم المسمى "الساخن البارد" وهو عبارة عن شاي احمر الجزء السفلي منه ساخن والعلوي بارد مثلج؛ والغريب انهما لا يمتزجان إلا بعد فترة زمنية حين تتساوي حرارة الجزئيين.

ولسنغافورة تاريخ حافل بالمهاجرين؛ فسكانها الذي يصل تعدادهم إلى خمسة ملايين، هم خليط من الصينيين والملايويين والهنود وآسيويين من ثقافات مختلفة.

اسم سنغافورة، وباللغة المحلية "سنغابورة"، يرجع إلى كلمتي "سنغا" و"بورا من اللغة "السنسكريتية " أي "مدينة الاسد" وهي التسمية التي أطلقها أحد المستكشفين القدامى إلى هذه الجزيرة الصغيرة، وهو أمير سومطري يدعى "سانغ نيلا أوتاما" (Sang Nila Utama) ويعتبر مؤسس سنغافورة، رأى أسد فسماها "مدينة الاسد". 

ليل سنغافورة مثله مثل ليالي البلدان الاستوائية رطب تتخلله نسائم تسوقها الرياح التي تعبر البحر، في تلك الليل تمت دعوتي لتناول وجبة العشاء في أحد أشهر شوارع المدينة وهو "شارع العرب" الذي يبدو من التسمية قبلة محببة للعرب، ويضم الشارع عشرات المطاعم والمقاهي الأنيقة في الهواء الطلق، بالإضافة إلى محلات العطور والأقمشة والمصنوعات اليدوية، ويحيط بالمكان الأجواء العربية الشرقية حتى في الكتابات والأسماء، فقد سميت تفرعات الشارع بأسماء العواصم العربية ومنها بطبيعة الحال "شارع مسقط" وعلى مقربة منه يوجد شارع "حجي" أو Haji حيث رائحة الشيشة المنبعثة من المقاهي الأنيقة، ويمتاز بمطاعم الأكل "الحلال" في سنغافورة، ورغم أنه شارع ضيق صغير إلا أن الرسومات والجرافيتي على جدران الأبنية حولته إلى لوحة فنية عنوانها "العرب هنا".

تعشينا في مطعم عربي يعمل فيه شباب من "مصر" وبعد العشاء اخذنا جولة بالأقدام مررنا بأهم ساحات المدينة وهي ساحة الأسد "ميرليون" (Merlion)، وهو اسد بجسد سمكة، يمثل الشعار الرئيسي للبلاد منذ عام 1986 م. ويرتفع التمثال قرابة 35 مترا ويُضاء ليلا بأنوار جميلة متعددة، وتحيطه حديقة رائعة تطلّ على الجزيرة الساحرة، مثالية للتنزه والتصوير والتمتع بالمناظر الطبيعية للخضرة والبحر.

في صباح اليوم التالي استيقظت مبكرا، وزرت سوق الأسماك الذي يفتح باكرا، يعرض فيه مختلف أنواع الأسماك الطرية والاسماك المجففة، وكذلك هناك جزء للخضروات، ثم اتجهت الى لعبة العجلة الدوارة الشهيرة والتي تعد أطول عجلة دوارة في العالم، وبالفعل هي كذلك حيث تخترق السحب وترى حبات المطر تتساقط من السحب في أقرب ما يكون، في مشهد يأخذ الانفاس ولا مجال غير التأمل والتسبيح والتصوير.

من علو 165 مترا يمكن رؤية مفاتن سنغافورة الجميلة، وليس أجمل من "جزيرة سنتوزا" أحد أشهر معالم الجذب السياح،  وكل الطرق تؤدي إلى هذه الجزيرة الجميلة حيث يمكن الوصول إليها بسهولة بالحافلة أو القطار أو السيارة أو التلفريك وحتى مشيا على الأقدام،  ويُعد ممر المشاة المقام حديثا Boardwalk  من أجمل الوسائل للوصول إلى جزيرة سنتوزا مشيا على الأقدام، حيث يمتد الجسر من مركز التسوق "فيفو" وصولا إلى الجزيرة بطول 800 متر، وهو مناسب لعربات الأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة وتمتد على معظمه سلالم كهربائية لمزيد من الراحة والرفاهية، كما تحيطه الأشجار والحدائق ويمتاز بإطلالة رائعة على المدينة، مع مطاعم على طول الطريق ذات مناظر خلابة مثالية لالتقاط الصور.

ومشيا على الاقدام أيضا اتجهت برفقة عدد من السياح إلى "سكاي بارك" في فندق "مارينا باي سندس" المصمم على شكل سفينة تحملها ثلاثة أبراج طويلة تبحر بين الغيوم بإطلالة تحتاج لكثير من الشجاعة لتسبح في أحواضها المائية المعلقة بين السماء والأرض، وبما أننا لسنا من نزلاء الفندق اكتفينا بالتمتع بمناظر بانوراميه والتقاط الصور من الشرفات المسوّرة بالزجاج المطلّة على سنغافورة الحالمة، كما يمكن للزوار تناول المشروبات أو الطعام في المطعم القريب من المسابح، بالإضافة إلى التسوق في المركز التجاري الضخم الواقع في المبنى نفسه.

إذا كانت سنغافورة توصف بأنها "منتجع الأثرياء" فهذا لا يعني أنها لا تقدم سياحة للميزانيات المتوسطة أو المنخفضة، بل يحتفي "الحي الصيني" في المدينة بكافة الزائرين، ويمتاز هذا الحي بالأجواء الصاخبة والمزدحمة سواء في الليل أو النهار، حيث عشرات المطاعم والأسواق الشعبية وعربات أطعمة الشوارع التي يتهافت عليها الناس، وتعرض الأسواق مختلف المصنوعات المحلية والتذكارات مع أسعار منخفضة مقارنة بمراكز التسوق في شارع "أورتشارد"، ويُعد  شارع "باجودا" أشهر الأسماء هنا.

قضيت في هذا البلد الجميل أربع ليالي حالمة، وثلاثة أيام صاخبة، والحقيقة أن فترة كافية لاكتشاف الجزيرة وما تحتويه من معالم تستحق الزيارة.

هناك تعليق واحد:

  1. اخي الفاضل هل توجد مقاهي شيشة في سنغافورة و هل سنغافورة غالية ام في المتوسط ام رخيصة الرجاء افادتي لاني مسافر قريب

    ردحذف