السبت، 17 مارس 2018

رحلتي إلى بلاد الراين (4)


هايدلبرغ وبالألمانية Heidelberg 

كانت زيارتنا لهايدلبرغ غير مخطط لها مسبقا، وذلك أن خروجنا من الدرس في ذلك اليوم كان مبكرا تناولنا وجبة الغداء ثم اقترح أحد الزملاء زيارة هذه المدينة الواقعة على ضفتي نهر "نيكار"، جنوب غربي ألمانيا، في ولاية بادن-فورتمبيرغ، ولأن الرحلة بدون تخطيط، وصلنا الى مدينة مانهايم ومنها لم نعرف أي قطار نسلك فلم يكن لنا بد من سؤال بعض العرب المتواجدين في محطة القطار؛ دلنا احد الشبان المصريين "الجدعان" إلى القطار الصحيح، وصلنا الى المدينة والشمس تنازع الرمق والليل يسحب أشعتها ويرمي شبكته على ضفاف النهر، تجولنا في شوارعها الرئيسية، حتى إذا وقفنا ننتظر دورنا عند إشارات المرور سمعنا "شلة" خليجية صادرة من هاتف جوال، صبي لم يبلغ الحلم واخته أصغر منه قليلا، من دولة قطر، فسألنهما عن المدينة فدلانا على الطريق النهري والى القصر القديم وكذلك الشارع التجاري الممتد من أسفل القصر الى وسط المدينة والمسمى "الممشى".

 مشينا على ضفاف النهر حتى وصلنا الجسر الجديد ومنه قطعنا الى الضفة الأخرى ثم مشينا حتى "قصر هايدلبرغ" و هو أهم معلم في المدينة وموقعه مشرف عليها، شيد على ضفاف نهر نيكار، لا زالت بعض الأجزاء القديمة منه والتي تعود إلى قرون خلت شاهدة على أساليب العمران أثناء القرون الوسطى وعصر النهضة. يرجع تاريخ بناء القصر إلى القرن الثامن للميلاد، وتعود عواميد الجرانيت الأربعة والمنتصبة في باحة القصر إلى هذه الفترة. يحتضن جناح "أوتو هاينريش" متحفا للصيدلة، وفي أحد الأقبية العديدة المتواجدة في الطوابق الأرضية، يوجد برميل هايدلبرغ الشهير (Großes Fass)، والمصنوع لحفظ الخمور.

عودتنا كانت عبر الشارع التجاري الجميل المسمى بالممشى وهو شارع واسع على جانبيه محلات تجارية ومطاعم ومقاهي والحركة فيه كبيرة، حتى الساعة الثامنة مساءا، بعدها تعود الطيور إلى اعشاشها وتطفئ المحال سراجاتها، تناولنا في أحد مطاعم البيتزا التركية وشربنا اللبن المستورد من تركيا، وجبة قويت بها أجسادنا المتعبة من المشي واعطتنا طاقة لبعض الوقت.

تفتخر هايدلبرغ بجامعتها العريقة التي أنشئت في عام 1386م، وتُعتبر أقدم جامعة في ألمانيا وهِي واحدة من جامعات الامتياز في ألمانيا، وعضو مؤسس في جامعات الأبحاث الأوروبية وتتألف الجامعة من 12 كلية.

هايدلبرغ مدينة أنيقة؛ كسيدة في الخمسينات اتخذت من ضفتي نهر نيكار مقعدا لتحيك من أشعة الشمس الذهبية وأنوار القمر العاجية قمصان للزائرين و لتختار من الربيع أزهارا لتقدمها باقة للعاشقين، عبق الماضي السحيق في جدرانها الصخرية يلهم الذكريات لتبوح عن ايام الشبيبة بين البيوت الطينية المعجونة بعرق أباءنا واجدادنا.

وللقصة بقية .. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق