ألمانيا، كانت من الدول التي سمعت
عن جمالها، وأقاويل من هنا وهناك، إلا أن موضوع التأشيرة (فيزا) يزعجني لذا كل
سفراتي السابقة كانت الى دول شرق آسيا والشرق الأوسط، وبعض الدول التي تمنح تأشيرة
لدى الوصول.
في إحدى أيام العمل العادية ورد
إلى مكتبنا طلب تسمية أحد الموظفين للمشاركة في دورة تدريبة على نفقة
"جمهورية ألمانيا" وبقدر ما كان الأمر مستعجلا إلا أن شعور بالرغبة الى
السفر قد ساورني ببطء، وبقدر ان الأمر سيطول من حيث الروتين الذي يتطلب إحالة
الموضوع إلى عدة جهات لترشيح من يرونه مناسبا فقد كتمت تلك الرغبة .
في ذلك اليوم كنت آخر الموظفين
خروجا من المكتب فمررت على المواضيع الخارجة كالعادة فكانت المفاجأة أنى المرشح
لحضور الدورة التدريبية فحمدت الله تعالى وشكرت المسؤولين في اليوم التالي.
لم يكن البحث عن ألمانيا صعبا
بفضل محركات البحث على شبكة الانترنت، في حقيقة الامر كان ممتعا، وما هي إلا أيام
قليلة وقد حصلت على التأشيرة (شينجن) التي تمكنك من زيارة دول الاتحاد الأوروبي،
وهأنا على مقعد الطائرة المتجهة إلى مطار (فرانكفورت) والتي وصلنا إليها الساعة
السابعة صباحا يوم الأحد الموافق 2017/9/10.
اخذتنا مديرة البرنامج في جولة
تعريفية في أحياء مدينة (لودفيغسهافن) (Ludwigshafen) التابعة
لولاية "راينلند بالاتينات" وكان
يوما مشمسا، تداعب فيه النسمات الباردة خيوط الشمس الذهبية، جولتنا بدأت من الحي
الذي استقرت رحالنا فيه، ثم اتجهنا الى محطات القطار الصغير المسمى
"المترو" تعلمنا كيفية قطع التذاكر من خلال الماكينات المبعثرة في كل
محطة، وعرفتنا على بعض المطاعم الحلال وهي تركية في الغالب، موظفيها من الجاليات
العربية السورية والعراقية، بعدها ذهبنا لتناول الغداء في مطعم ألماني ذو نكهة
أصيلة وفق وصف المديرة، كنا سبعة؛ سيدتان الأولى تجاوزت الأربعين عاما والأخرى
فتاة في العشرينات وكنا نحن الشباب خمسة مختلفي الأعمار إلا أن الشعر الأبيض جعل
مني أكبرهم سنا.
"لودفيغسهافن" بالألمانية Ludwigshafen هي
مدينة ألمانية في ولاية
راينلاند بالاتينات وتقع على الراين على
الضفة المقابلة لمدينة مانهايم، وتشتهر المدينة بصناعاتها الكيميائية, وهي
المكان الذي ولد فيه المستشار الألماني السابق هلموت كول والفيلسوف ارنست
بلوخ.
خلال الحرب العالمية الأولى كانت
لودفيغسهافن تمثل مفتاح اقتصاد ألمانيا أثناء الحرب، لذا تعرضت لقصف شديد
أثناء الحرب العالمية الثانية من
قبل قوات التحالف, حيث ألقيت عليها حوالي 13000 قنبلة خلال 121 غارة منفصلة.
كان وصولنا الى فرانكفورت متقدما
عن الموعد المحدد بحوالي نصف ساعة، فاتخذنا من احدى قاعات المطار ملاذا عن البرد
الذي كان يتلصص علينا من فينة الى أخرى عن طريق الباب الكهربائي ، وكأنه ينتظر
خروجنا ليضمنا مستقبلا، وما هي إلا دقائق حتى وصلت مديرة البرنامج الانسة (ايكيا
ماريا) بولندية النسب ألمانية الجنسية، وما هي ثوان حتى تلحفنا بتلك النسمات
الباردة ورشات المطر، نجر خلفنا حقائبنا الملأ بالدثور و صنوفا من الأطعمة العمانية
والبهارات الهندية وحليب "أبو قوس" و "نيدو" .
قطعنا المسافة من بوابة المطار
إلى الحافلة هرولة تارة ومشيا سريعا تارة أخرى مستنجدين بالسائق أن يقدم حافلته،
فدخلنا قفزا وقعدنا سقطا، وانطلقت الحافلة إلى (لودفيغسهافن) محل إقامتنا، الطريق إليها يمر بغابات خضراء من شجر
البلوط والمطاط والصنوبر وغيرها من الأشجار الكثيفة، ومررنا بمروج منبسطة يزرع
فيها أعلاف الحيوانات، والذي شد انتباهنا أن الطريق خال من أعمدة الإنارة ولم نسأل
حينها عن السبب فالكل كان ممسكا بهاتفه إما تصويرا أو مراسلا أهله وأحباءه، والبعض
مستمتعا بالمناظر الجميلة.
ومن ضمن المشاهدات التي مررنا
عليها قاعدة عسكرية أمريكية أقيمت بعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.
راينلند بالاتينات
وبالألمانية (Rheinland-Pfalz)
وتنطق راينلاند بفالز، هي إحدى ولايات ألمانيا الستة
عشر، عاصمتها مدينة ماينس، التي اشتهرت بكونها مدينة غوتنبيرغ،
مخترع الطباعة.
تقع راينلند بالاتينات في غرب ألمانيا يحدها كل
من فرنسا، بلجيكا، لوكسمبورغ والولايات شمال
الراين-فيستفالن، سارلاند، هسن وبادن-فورتمبيرغ.
تمر في الولاية أنهار الراين، موزل و سار ولان،
والتي تستخدم للملاحة النهرية. في الشمال الغربي تمتد جبال ايفيل وفي الجنوب
تقع سلسلة جبال هونزروك، والهضاب الجنوبية بالولاية تسمى غابات البفالز.
تقسم الولاية إلى 24 دائرة قروية و 12 دائرة مدنية، "ماينس" هي
أكبر مدينة بالولاية وهي العاصمة، وهناك مدن أخرى كبيرة مثل كوبلنس، كايزرسلاوترن، ترير ولودفغسهافن.
اقتصاد الولاية يعتمد بالأساس على الزراعة؛ حيث تشغل 37%
من أراضيها، وتشتهر راينلند بالاتينات بإنتاج العنب بحوالي 65% من إنتاج
ألمانيا. كذلك تتخذ شركة باسف (BASF)
للكيماويات من لودفغسهافن مقراً
لها، كما توجد مصانع لشركة السيارات أوبل في كايزرسلاوترن.
يوجد في الولاية 6 جامعات و13 معهد تطبيقي ومعهد واحد
للإدارة، من أهم الجامعات: يوهانس غوتنبيرغ في
العاصمة ماينس وكايزرسلاوترن التقنية وترير وكوبلنس-لينداو.
في بداية شهر فبراير/شباط من كل سنة تقام في مدينة ماينس المهرجانات
التنكرية الشهيرة.أشهر الأندية الكروية: اف سي كايزرسلاوترن واف
سي فاو ماينس.
للأسف لم يتسنى لنا رؤية عاصمة
الولاية "ماينس" في يوم وصولنا وذلك أن الحافلة سلكت الطريق السريع الذي
يمر خارج المدن، وبعد ساعة لاحت لنا ملامح مدينة (لودفيغسهافن) المحصنة بأبراج التهوية لشركات الصناعات الكيميائية،
فكان دخولنا إليها من الشمال وما أسهل المرور ذلك اليوم بسبب انه وافق يوم الأحد
عطلة رسمية والمدينة تغط في نوم عميق والسكون يخيم على أرجائها إلا من صوت
العصافير والنسيم البارد.
وللقصة بقية ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق